مولدات الديزل وزيادة التلوث في العاصمة بيروت

مولدات الديزل وزيادة التلوث في العاصمة بيروت
مقال عن تلوث الهواء في بيروت يستند على دراسة علمية قامت بها الجامعة الأمريكية في بيروت, قمنا في جمعية التنمية اللبنانية بترجمته للغة العربية لتعم الفائدة ولرفع مستوى الوعي لمخاطر تلوث الهواء على الصحة.
“دراسة لفريق بحثي من الجامعة الأمريكية في بيروت تؤكد أن الملوثات المسببة للسرطان تضاعفت بسبب زيادة استخدام مولدات الديزل”
المقال باللغة الانكليزية تم نشره في جريدة The National News ضمن قطاع الشرق الأوسط وشمال افريقيا MENA, على موقعها الالكتروني: thenationalnews.com تحت عنوان:
Carcinogenic pollutants in Beirut double due to generator use, study shows.
المقال من اعداد الصحفية ندى عطالله وقد نشر في 24 نيسان 2024. رابط المقال تجدونه في أسفل المقال المترجم.
مستوى الملوثات السرطانية لمولدات الديزل في الهواء في بيروت قد ارتفع بنسبة مضاعفة منذ عام 2017، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 50 في المئة، كما أظهرت الدراسة. أصبح لبنان معتمدًا بشكل مفرط على مولدات الديزل التي تسبب التلوث وتكلف الكثير منذ الأزمة الاقتصادية المدمرة التي بدأت عام 2019 والتي توجت بالضربة القاضية لقطاع الكهرباء الذي كان متهاويًا أصلاً بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف الوقود لمحطاتها الكهربائية، توفر الشركة الحكومية للكهرباء “كهرباء لبنان ” كميات ضئيلة من التيار الكهربائي يوميًا، مما جعل اللبنانيون يعتمدون على مولدات خاصة و التي بدورها تعتمد على وقود الديزل الملوث.
-“أعدنا الاختبار عدة مرات لأننا لم نستطع تصديق النتائج”، قالت نجاة صليبا، الخبيرة الكيميائية التي قادت الدراسة.
أجرى فريق البحث، الذي سينشر الدراسة قريباً، بقيادة باحثين من الجامعة الأمريكية في بيروت، مراقبة لثلاثة مواقع مختلفة في بيروت خلال العامين 2022-2023. أظهرت النتائج أن تركيز المواد السرطانية بشكل كبير في الهواء قد ارتفع بنسبة مضاعفة منذ آخر مرة تم فيها إجراء الدراسة في عام 2017، أي قبل الأزمة الاقتصادية، من 0.66 نانوغرام لكل متر مكعب إلى 1.36 نانوغرام لكل متر مكعب على مدار العام.
في إحدى مناطق الدراسة، “المقاصد”، كان مستوى الجزيئات الدقيقة الصغيرة التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر – يتمحور بمعدل 25 ميكروغرام لكل متر مكعب خلال موسمين. تقول قوانين منظمة الصحة العالمية إن التعرض لمستويات مرتفعة من الجسيمات الدقيقة الصغيرة يجب ألا يتجاوز 5 ميكرو غرامات لكل متر مكعب.
“التعرض للهواء الملوث في بيروت مماثل لتدخين أربع سجائر على الأقل في اليوم”، قالت السيدة صليبا.
قال ناصر ياسين، وزير البيئة في الحكومة اللبنانية المؤقتة، إن النتائج “مقلقة للغاية وأنه يعتزم رفع القضية خلال اجتماعات مجلس الوزراء. وجود هذا العدد الكبير من المولدات واستخدامها معظم الوقت هو شيء غير طبيعي ويجب تقليله من خلال مصادر كهرباء أفضل وأنظف”، قال السيد ياسين لـ “الوطنية”.
بالتعاون مع فريق البحث في الجامعة الأمريكية في بيروت، أصدرت وزارة البيئة توجيهات جديدة وأكثر صرامة لاستخدام فلاتر المولدات بدءاً من الخريف الماضي للحد من الملوثات المنبعثة.
و قال الوزير “نحن الآن نطالب البلدية تطبيق التوجيهات عندما تُمنح الموافقات على استخدام المولدات”.
“يتم تطبيق ذلك ولكن ببطء”.
“ارتفاع في حالات السرطان لدى الشباب”
قام فريق الجامعة الأمريكية بإجراء اختبارات جودة الهواء لأكثر من عقد من الزمان، مما يوفر بيانات كافية لكافة الاحتمالات والتوجهات. تقول السيدة صليبا: “دراستنا الأولى التي تركز على مولدات الديزل ومساهمتها في الملوثات السرطانية الجوية يعود تاريخها إلى عام 2010. وهذا يوفر مرجعاً قوياً للمقارنة مع النتائج الحالية”.
‎وكانت النتائج الجديدة أكثر مفاجأة مع ارتفاع مستويات التلوث التي حافظت على استقرارها عند حدٍ معين حتى وقت قريب. وهذا يطرح التساؤل: ما الذي تغير؟ قطاع الكهرباء اللبناني غير الفعّال دائما ما اعتمد على المولدات الخاصة، التي تعتبر من الناحية الفنية غير قانونية لكنها مسموح بها كبديل وحيد لتعويض نقص إمدادات الكهرباء من الشبكة العامة. وفقًا لأبحاث الجامعة الأميركية في بيروت، بقيت كثافة المولدات في بيروت ثابتة على مر السنين – متوسط مولد واحد لكل مبنيين، أو حوالي 9,300 مولد لمجموع المباني. لكن بعد أزمة عام 2019، ومع تقلص إمدادات الكهرباء الرسمية من 21 ساعة في بيروت إلى بضع ساعات في اليوم، أصبحت المولدات المورد الرئيسي للكهرباء. ونتيجة لذلك، ارتفعت مخاطر الإصابة بالسرطان على مدار حياة الفرد بنسبة 50 % مقارنةً بما قبل الأزمة، وجاءت هذه الدراسة لتؤكد ذلك. تقول السيدة صليبا: “نحن نحسب خطر الإصابة بالسرطان استنادًا إلى المواد الكيميائية التي تطلقها عادةً عوادم المولدات، بما في ذلك بعضها المصنف كمواد مسرطنة من الفئة A1” ووفقًا لأرقام منظمة الصحة العالمية من عام 2020، يُعتبر سرطان الرئة ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعًا في لبنان، بعد سرطان المثانة وسرطان الثدي. قال هاني نصّار، رئيس جمعية بربرا نصّار لدعم مرضى السرطان البالغين: “لم تُفاجئنا نتائج الدراسة التي أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت”. ويُضيف: “نحن نرى مرضى أصغر سناً من أي وقت مضى. الحكومة لا تتخذ أي إجراء، سواء كان ذلك في مجال الوقاية أو ضمان الوصول إلى الأدوية”. تأثر مرضى السرطان بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية، وواجهوا نقصًا في الأدوية وارتفاعًا في أسعار العلاجات في السوق السوداء إذا توفر، مع تدهور الخدمات الصحية العامة. يقول نصّار: “كل شهر، نتلقى طلبات من 1,500 إلى 2,000 شخص، سواء لم يتمكنوا من تحمل تكلفة الدواء أو لأنه غير متوفر في السوق”. ويقول الخبراء إن سلطة الدولة الضعيفة والفساد المستشري وسوء الإدارة هي جذور مشاكل قطاع الكهرباء.
‎لبنان فشل في الاستثمار في إنتاج الطاقة النظيفة عندما كانت الدولارات تتدفق إلى قطاع البنوك الذي بدا رائجًا ، والذي وصف لاحقًا بأنه نظام بونزي بعد انهياره الكامل. لم تقم الدولة ببناء محطات توليد الطاقة منذ عقود أو استثمرت في الطاقة المتجددة، على الرغم من عدة مشاريع مخطط لها، التي عجزت في النهاية عن التقدم بسبب مصالح النظام السياسي القائم وعدم الاتفاق على توزيع الأرباح. وقال مارك أيوب ، باحث في مجال الطاقة في الجامعة الأميركية في بيروت: “تأثير استخدام المولدات على الصحة العامة هي جريمة ضد كل مواطن”. وأضاف: “ولكن في نهاية المطاف، فإن المسؤولية تقع على الحكومة لعدم تنفيذ كهرباء ميسورة التكلفة ومستدامة وخضراء بدلاً من المولدات”. وقال إن هناك الآن حافزًا لتغيير الوضع الراهن نظرًا للربح المالي الهائل الذي يمثله للنخبة السياسية، التي شكلت “ترابطًا متيناً” مع “سوق المولدات ومستوردي الوقود”. الرهانات كبيرة – نحن ننظر إلى سوق استيراد الديزل بقيمة حوالي 1.6 مليار دولار في عام 2023″، قال السيد أيوب. و أضاف السيد أيوب “نحن الآن بحاجة إلى حركة سياسية جريئة لإنهاء هذا الوضع القائم والاستثمار في إنتاج الطاقة النظيفة”. تدعو السيدة صليبا، التي هي أيضًا نائب مستقلة، “أصحاب مولدات الديزل للامتثال للقانون”، فيما يتعلق باستخدام الفلاتر. ولكن الحل الطويل الأمد يكمن في مكان آخر. يجب على الحكومة أن تتحرك، وتزيل كل هذه المولدات، وتنشئ شبكة وطنية. لقد سمحوا لقطاع غير منتظم بالازدهار. إنه يكلفنا حياتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *