لا تفْرطي في النظافة.. البكتيريا تفيد الجهاز المناعي لطفلك

لا تفْرطي في النظافة.. البكتيريا تفيد الجهاز المناعي لطفلك
تبالغ الأمهات في نظافة أبنائهن وألعابهم كنوع من الحماية والخوف عليهم من الأمراض، ولكن هل تحمي إجراءات النظافة من الأمراض؟

ندى تغسل دمى أطفالها البلاستيكية يوميا، بينما تغسل تلك القطنية أسبوعيا، وتحرص دائما على تعقيم المنزل بمواد طبية، خاصة في فصل الشتاء، إذ تزيد نسبة إصابة طفلها الأكبر بحساسية الأنف والحساسية الصدرية، رغم إعطائه جميع اللقاحات والأمصال الخاصة بمنع الإصابة بنزلات البرد أو الحساسية قبل بداية فصل الشتاء. كما أنها شديدة الحرص ألا يضع طفلها الألعاب التي تسقط منه أرضا في فمه قبل غسلها، مهما كانت درجة نظافة المنزل.

ورغم كل تلك الاحتياطات التي تراها صحية، فهي لا تستطيع القيام بزيارات عائلية لأسرتها التي تعيش في محافظة مصرية، إذ غالبا ما يمرض طفلها بمجرد وصولها إلى هناك بسبب ما تصفه “بتغير المُناخ” من مكان إلى آخر، ويُصاب بنوبات إسهال ونزلات معوية حادة.

ندى مثل كثير من الأمهات اللائي يُبالغن في النظافة المُفرطة لأطفالهن، وهن لا يعلمن أن الطفل يتضرر منها بشكل مُباشر.

البكتيريا والجهاز المناعي
تشير دراسة لجامعة هارفارد إلى أن الأوساخ والجراثيم تحمي من الأمراض. ودون التعرض لتلك الجراثيم في وقت مبكر من الحياة، فإن الجهاز المناعي لا يتعلم كيفية التحكم في رد فعله تجاه الغزاة العاديين مثل الغبار وحبوب اللقاح، وهو ما يُسبب أنواعا عديدة من الحساسية.

قبل ولادة الطفل بساعات تتدفق ملايين البكتيريا لتملأ ممر الولادة (المهبل)، حتى إذا مر الطفل من هناك تدخل تلك البكتيريا في فمه وأنفه، وتسكن جهازه الهضمي لتنظم عملية الرضاعة وتزوده بالمناعة الأولية.

وبعد الولادة، يستمر نقل البكتيريا من الأم إلى الرضيع عبر الرضاعة الطبيعية، حيث يحتوي حليب الأم على ميكروبيوم معقد وديناميكي يستعمر أمعاء الرضيع، ويوفر وسيلة فريدة لتطور الجهاز المناعي والجهاز الهضمي.

كما أن الأطفال الذين يولدون بعمليات قيصرية أكثر عرضة لأمراض الحساسية وأمراض اضطراب الجهاز الهضمي والإسهالات، مقارنة بهؤلاء الذين ولدوا ولادة طبيعية، لأنهم حُرموا من نحو 85% من البكتيريا الصديقة التي تساعدهم على إنتاج الفيتامينات، وامتصاص العناصر الغذائية، وتنظيم جهاز المناعة لديهم، بل وربما تؤثر على مزاجهم.

ويمنع البروتوكول البريطاني إعطاء المضادات الحيوية للأطفال قبل عمر السنة، لأنها تستخدم بشكل غير رشيد، خاصة في الدول النامية، مما يضر بالجهاز المناعي للأطفال، بقتل البكتيريا التي تعيش داخل جسم الطفل وتقيه الأمراض المستقبلية.

وتشير أبحاث جديدة لباحثين في التكنولوجيا الحيوية البيئية بجامعة غراتس للتكنولوجيا، إلى أن النظافة المفرطة تعزز مقاومة المضادات الحيوية، وأنه بدون التعرض للأوساخ والجراثيم في وقت مبكر من الحياة، فإن الجهاز المناعي لا يتعلم كيفية التحكم في رد فعله تجاه الغزاة العاديين مثل الغبار وحبوب اللقاح.

ويُحفز الاحتكاك المباشر مع البيئة في سنوات العمر الأولى -خاصة قبل عمر الثلاث سنوات- مثل التعرض للدغات الناموس والحشرات؛ المواد المثيرة للحساسية، التي تلعب دورا مهمًا في تدريب الجهاز المناعي على التصرف بطريقة معينة.

وبحسب دراسة لمركز طبي أميركي، فإن احتكاك الطفل مع الحيوانات كالقطط مثلا -خاصة في البيئة الريفية وقبل عيد ميلادهم الأول- سيجعله أقل عرضة للإصابة بالحساسية والربو، وأمراض الجهاز الهضمي، والسكري، وفقا لتقرير نشره موقع “ساينس ديلي”.

كما أن تحسس الأطفال تجاه أطعمة معينة دون غيرها، يكون أقل بين أطفال الريف عنه بين أطفال المدن، ويقيهم كذلك من نزلات البرد الحادة.

فكلما تغيرت ظروف الإنسان المعيشية بوجه عام، تغيرت البكتيريا المُفيدة، فالأشخاص الذين يقطنون الأرياف والجبال، أو ينامون في العراء، أو لا يغتسلون بالصابون ومضادات الجراثيم، ولا يغسلون أسنانهم بالفلورايد، أفضل صحة وأطول عمرا من الأشخاص قاطني المدن والمباني المغلقة والمعقمة، أو الذين يغسلون أيديهم بالصابون بعد كل تصافح.

من هنا كان لا بد من تمرير البكتيريا النافعة للطفل بين حين وآخر، لكن كيف؟

– الرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة، فحليب الأم مليء بالميكروبات المفيدة والمواد المغذية الخاصة التي تُشكل جهاز الطفل المناعي.

– التأكد من تناول الأطعمة الغنية بالبريبايوتكس أثناء الحمل، مثل الموز والشوفان والعسل، والألبان المخمرة كالزبادي مثلا.

– تجنب استخدام المضادات الحيوية قدر المستطاع، إلا تحت إشراف طبي.

– لا تفْرطي في استخدام المطهرات الصناعية، فالصابون العادي يكفي، ولديه القدرة على الحماية أيضا من الميكروبات والجراثيم، وكوني حذرة حول الإفراط في التعقيم، بحسب هيئة الغذاء والدواء.

-اتركي طفلك يلعب في الطين، فهو -إلى جانب مساعدته في تخفيف توتره- من أفضل الطرق لتعزيز صحة جهاز المناعة لديه.

– يمكنك السماح لطفلك بتناول الطعام الذي يسقط على الأرض طالما لا تشكّين في نظافتها. كما يمُكنك السماح له بتناول وجبة شهريا خارج المنزل طالما كانت خالية من اللحوم أو المواد الحافظة، لتأهيله مُستقبلا على الاحتكاك بالعالم الخارجي.

– اسمحي لطفلك بالتعامل مع الحيوانات والاحتكاك المباشر معها ولمس فرائها مثلا.

– لا تُضيقي الخناق عليه واجعليه يلعب مع أقرانه في المناطق المفتوحة، واسمحي له بتحسس أوراق الشجر، واللعب بالرمال أو الحجارة، واستكشاف البيئة من حوله.

– لا تغسلي ألعابه طالما بقيت في إطار المنزل.

المصدر : الجزيرة

https://aja.me/yy5sz

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *